انتظرت فترة اتابع فيها ردود الأفعال على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الخطيرة بمناسبة ثورات الشعوب العربية التى تجتاح المنطقة وراجعت الترجمة العربية للتصريحات لعلها تحمل خطأ فى الترجمة فوجدت النص العربي للتصريحات يعكس بدقة النص الإنجليزى المنشور.
ورغم ان التصريحات صدرت منتصف الشهر الماضى إلا اننى لم اجد اى ردود فعل رسمية عربية او غربية او حتى اعلامية او شعبية عليها كأن الأمر لا يعنى احدا. تصريحات نتنياهو التى اذاعتها وكالة الأنباء الفرنسية بتاريخ 15 فبراير الماضى جاءت في معرض احتفال اسرائيل بتعيين رئيس الأركان الجديد في اسرائيل بينى جانتز والأحداث المتسارعة لثورات الشعوب العربية والتى قال فيها نتنياهو " ان زلزالا يهز كل العالم العربي بما فيها جزء كبير من العالم الاسلامى ولا نعرف بعد كيف ستنتهى الأمر".
ومضى قائلا "اننا مستعدون لكل الاحتمالات، لأننا نعرف ان اساس وجودنا وقدرتنا على اقناع جيراننا على العيش بسلام معنا تعتمد على الجيش الإسرائيلى"
لا يعكس هذا التصريح فقط حالة الفزع التى تجتاح الجانب الاسرائيلى من جراء سقوط الأنظمة العربية الحليفة لإسرائيل ولكن يعكس أبعادا أخطر كثيرا تجيب عن الكثير من التساؤلات حول منهجية التفكير والتوجه.
فالتصريح يعلن افلاس اسرائيل السياسى وفشل الحلول السلمية التى تعترف بمقتضاها اسرائيل بحق الفلسطينيين في الوجود واقامة دولتهم. ويقدم مفهوم استخدام القوة كأساس لوجود اسرائيل بل اسلوب اقناع جيرانها ايضا. فمنطقيا لا يوجد ربط بين الجيش والسلام إذ ليس المقصود بالطبع ان الجيش سيتولى مفاوضات السلام نيابة عن رجال السياسة في الكيان الإسرائيلى ولكن الإقرب إلى التصور هو أن يقوم الجيش بالعدوان وتصعيد ارهابه ضد جيرانه فيجبر الأطراف الأخرى على الاستسلام أو الخضوع.
يحدث هذا فى الوقت الذي لا يزال السلام الخيار الإستراتيجي للعرب والذى شجع اسرائيل مع الوقت على المطالبة بحقوق ليست لها حتى باسم السلام مثل الاقتتال والتناحر الفلسطينى مقابل السلام في الحالة الفلسطينية أو حصار غزة مقابل رضا اسرائيل عن مصر في الحالة المصرية أو مصالح تجارية مع الدول العربية بدون مقابل.
يبدو أن اسرائيل قد حسمت أمرها فيما يخص استحالة اللعب على السلام بعد أن حصلت على كل فوائده بالمجان وبدأت المطالبات باستحقاقته تتصاعد فعادت لتكشف عن وجهها القبيح لتسند مهمة اقناع العرب بفوائد السلام الي جيشها.
_____
المقال للدكتور خالد بهاء الدين،